نص كلمة فضيلة الإمام الأكبر في الندوة التحضيرية لمؤتمر تجديد الفكروالعلوم الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه..
أيها السادة العلماء الأفاضل!
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته... ومرحبًا بكم في هذه الندوة التحضيرية البالغة الأهمية، والتي دعا إليها الأزهرالشريف تحت عنوان:
"الندوة التحضيرية لمؤتمر تجديد الفكر والعلوم الإسلامية"
هذه الندوة التي نرجو من الله تعالى أن تكون بداية موفقة، بينة المعالم واضحة المسالك والدروب، في موضوع «تجديد الفكر الديني» أو «تجديد الخطاب الديني» الذي يدور على ألسنة الكثير وأقلامهم في الآونة الأخيرة وعلى شاشات الفضاء وصفحات الجرائد، والذي يزداد غموضًا وإبهامًا والتباسًا من كثرة ما تناولته وسائل الإعلام، بغير إعداد علمي كاف لبيان فيه مفهوم التجديد، وتحديد ما هو الخطاب الذي يُراد له التجديد، وهل صحيح أن ما سموه بالخطاب الديني كان هو وحده أصل الأزمات التي يُعاني منها العالم العربي أمنيًا وسياسيًا، وكذلك التحديات التي تقف عائقًا أمام نهضته وتقدمه.
ويكفي دليلًا على هذا التخبط في تناول تجديد الخطاب الديني أنك تسمع بعض الأصوات التي تنادي بإلغاء الخطاب الديني جملةً وتفصيلًا، وتراه جزءا من الأزمة أو تراه هو الأزمة نفسها، وليس حلًّا لها، وهؤلاء لا يفصحون عن مقتضى دعوتهم هذه ولازمها المنطقي، وهو تحويل مؤسسة الأزهر إلى متحف من متاحف التاريخ، بكل تجلياتها العلمية والروحية والثقافي، وعبر أكثر من عشرة قرون، وبعد أن بات الغرب والشرق يُقرَّان بأنها أقدم وأكبر جامعة على ظهر الأرض.
وفي المقابل تسمع أصواتًا تنبعث من العُدوة القصوى لا تفهم من تجديد الخطاب الديني إلَّا العودة فقط إلى ما كان عليه سالف الأمة وصالح المؤمنين في القرون الثلاثة الأولى، وهؤلاء أيضًا يحلمون باليوم الذي يضعون فيه أيديهم على مؤسسة الأزهر ويَجْمدون برسالته وعلومه ودعوته عند حدود التَّعبُّد بمذهب واحد واعتقاد معين وأشكال ورسوم يرونها الدين الذي لا دين غيره، وهؤلاء يهددون سماحة هذا الدين الحنيف وشريعته التي تأسست على التعددية واختلاف الرأي في حرية لا نعرف لها نظيرًا في الشرائع الأخرى، وهؤلاء لا يطيقون أن يتسع الأزهر في عصره الحديث لما اتسع له عبر عشرة قرون من إجماع واتفاق على الأصول وقواطع النصوص وكليات الدين، فإذا تجاوز النظر هذه الأصول والقواطع والكليات فبابُ الاختلاف وحرية الرأي والأخذ والرد بين العلماء مفتوح على مصراعيه، وبوحي من هذا المنهج التعددي اتسعت أروقة #الأزهر وكلياته – ولازالت تتسع ليوم الناس هذا - لدراسة المذاهب الفقهية السُّنيَّة وغير السُّنيَّة دراسة علمية، لا انتقاص فيها من مذهب ولا إغضاء من شأنه أو شأن أئمته، وبنفس هذا المنظور الذي يتسع للرأي والرأي الآخر، بل الآراء الأخرى، درَّس الأزهر للدنيا كلها مذاهب علم الكلام والأصول، وكل علوم التراث النقلي والعقلي، والأزهر وإن كان قد تبنى - منذ القدم – المذهب الأشعري وروَّجه في سائر أقطار المسلمين، فذلك لأنه وجد فيه العلاج الناجع لأمراضٍ وعللٍ أصابت الفكر الدِّيني، وبخاصة في القرنين الماضيين، بسبب فرض المذهب الواحد والرأي الواحد الذي قضى على مكمن القوة في أمة الإسلام ووضعها في ذيل قائمة الأمم، ومع تمسك الأزهر وعلمائه بالمذهب الأشعري فإنه يفسح المجال واسعًا لكل المذاهب الكلامية الأخرى، وينظر إليها بحسبانها مذاهب إسلامية تستظل بظلال الإسلام الوارفة التي يستظل بها كل من ينطق بالشهادتين ويصلي إلى القبلة ويأتي أركان الإسلام والإيمان.
والأزهر وهو يتبنى مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري فإنه لا يتبناه تعصبًا لمذهب ولا لإمام من الأئمة، ولكن لأن هذا المذهب لم يكن أمرًا مخترعًا أو مُحدَثًا في الدين، بل كان انعكاسًا صادقًا أمينًا لما كان عليه النبي ﷺ وصحابته وتابعوهم من يسر وبساطة في الدين: عقيدة وشريعة وأخلاقًا، وهذه قضية تخفى على كثير ممَّن يكتبون الآن عن المذهب الأشعري، وأعني بها أن الأشعري -رحمه الله – لم يخترع مذهبًا جديدًا كمذهب الاعتزال أو المذاهب الأخرى التي يسهل على الباحث أن يعثر فيها على أنظار ودقائقَ تصطدم اصطدامًا صريحاً بنصوص الكتاب والسُّنَّة.
وما فعله الأشعري هو صياغة مذهب عقدي ينصر فيه القرآن والسُّنَّة بدلالات العقول وببيان أنَّ نصوص الوحي تستقيم على طريق العقل الخالص إذا تجرَّد من شوائب الهوى ولجاج الجدل والأغاليط، يقول الإمام البيهقي فيما ينقله ابن عساكر: «لم يُحْدِث {الأشعري} في دينِ الله حَدَثًا، ولَم يأت فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين، فنصرها بزيادة شرح وتبيين، وأن ما قالوا في الأصول وجاء به الشرع صحيح في العقول، خلاف ما زعم أهل الأهواء من أن بعضه لا يستقيم في الآراء».
السَّادة الفُضلاء!
لقد اتصل المسلمون بالغرب منذ أكثر من قرنين من الزمان وكانت هذه الفترة كافية ليقظتهم ويقظة العرب والمسلمين، ولوقوفهم الآن في مصاف دول كاليابان وغيرها من الدول التي نهضت بعد نهضة العالم العربي، ولكن ماكينة التكفير والإقصاء والجدل الكريه – والتي لم تتوقف آثارها المُدَمِّرة حتى كتابة هذه السطور - لم تترك لمفكري العرب ومثقفيهم وعلمائهم فرصة هادئة تمكنهم الانكباب على ترسيخ ثقافة تدفع بأوطانهم إلى مكانة لائقة بأمة تختزن أراضيها ثروات يحسدها عليها العالم، وتمتلك من الطاقة البشرية ما يمكنها – لو أرادت- من استثمار هذه الثروات.
انظروا أيُّها السَّادة العُلَمَاء الأجلَّاء إلى طواحين الهواء التي تستهلك جهدنا وطاقتنا، والتي يسهر لها الناس حتى مطلع الفجر، وابحثوا عن الموضوع لتجدوه أخيلة وأوهامًا وحربًا كلامية حول الزواج من الطفلة الصغيرة التي لم تبلغ الحلم... وإني لأتساءل: في أي قطر من أقطار العالم العربي والإسلامي أو أجد - مثالًا واحدًا للزواج من طفلة صغيرة لم تبلغ الحلم! وأين توجد هذه الظاهرة التي يستعر حولها النقاش والحوار، ومنذ متى كان المسلمون يزوجون الطفلة الصغيرة ويقيمون لها الأفراح ويزفونها إلى زوجها الكبير أو الشاب؟!
وفي أي كتاب من كتب تاريخ المسلمين أقرأ هذا التهويل؟ ومعركة حد الردة التي تبعث ن بطون الكتب للتهجم على التراث.. ألم يشاهد هؤلاء المتهجمون البرامج الفضائية التي يظهر فيها شباب مصري ملحد، يتباهون بإلحادهم، ويجادلون ما شاء لهم الجدل والحوار، ويكاثرون بجمعياتهم وأعدادهم؟! مَن مِن هؤلاء الملحدين أُقيم عليه حَد الردَّة أو مسَّه أحد بسوء. وأنا شخصيًا تحدثت في حلقات عدة عن «الإلحاد والملحدين» هل صدرت كلمة واحدة تطالب بتطبيق حد الردة على هؤلاء؟! إن هذه البرامج التي تقتل أوقات المصريين وتعبث بوحدة صفهم وبتركيزهم وانتباههم لما يُدبَّر لبلدهم، هذه البرامج تتعامل مع «أشباح» لا وجود لها على أرض الواقع في بلاد المسلمين، ومن المضحك أنْ يزعم لنا هؤلاء أنهم إنما جاءوا لتجديد الخطاب الديني، وأن العناية الإلهية بعثتهم ليجددوا لنا أمر ديننا هكذا في ثقة يحسدون عليها..
واعتذر لكم أيها السادة العلماء من هذا الاستطراد التي تبعثه شجون وآلام من جراء هذا الانفلات الذي تقف وراءه أجندات غريبة على الإسلام والمسلمين، تتوازى تمامًا مع أجندات التَّفجير والتَّدمير والنَّسف من الجذور، والمقصود من وراء ذلك وهو لا يخفى على كل ذي لب هو: ضرب الاستقرار وزرع بذور الفتنة والانقسام.. وهو هو أسلوب المستعمرين وعبثهم بمصر والعالم العربي منذ أكثر من قرنين من الزمان.
أما عن التَّجديد فإني أُلخِّص كلامي فيه فيما يلي:
إن التجديد هو خاصة لازمة من خواص دين الإسلام، نبَّه عليها النبي ﷺ في قوله الشريف: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» ( )، وهذا هو دليل النقل على وجوب التجديد في الدين، أما دليل العقل فهو أنَّنا إذا سَلَّمنا أن رسالة الإسلام رسالة عامَّة للنَّاس جميعًا، وأنها باقية وصالحة لكل زمان ومكان، وأن النُّصوص محدودة والحادثات لا محدودة.. فبالضَّرورة لا مفرَّ لك من إقرار فرضية التَّجديد آلة محتَّمة لاستكشاف حُكم الله في هذه الحوادث.
غير أنَّ الخلاف سُرعان ما دب في فهم المقصود من التَّجديد في الحديث الشريف، وهذا ما يجده الباحث في كتب الجلال السيوطي وغيره من المُحْدَثين أيضًا من قضايا مثل: تحديد رأس المائة، وما المراد بالتَّجديد؟ ومن هم المجددون؟ وهل المُجَدِّد واحد أو أكثر( ).. والذي يهمنا هنا هو: ما المقصود من التَّجديد؟
إنَّ الأقدمين يُفَسِّرون التَّجديد المنصوص عليه في الحديث بأنه العودة إلى العمل بالكِتاب والسُّنَّة، وإزالة ما غشيها من البِدَع والضلالات، وهُنَا يأتي السؤال: هل التَّجديد الذي سنناقشه في مؤتمرنا الكبير إن شاء الله حول التَّجديد هو هذا المعنى البسيط الذي ذهب إليه القدماء مع الأخذ في الحسبان أن التَّجديد بهذا المعنى سوف يترك المشكلات المُعاصرة كما هي دون علاج ولا تحديد موقف شرعي تجاهها.. أو المطلوب الآن هو إمعان النظر في نصوص القرآن والسُّنَّة والأحكام الفقهية وإعادة قراءتها قراءة ملتزمة بكل القواعد التي حرص أئمة التفسير والحديث والأصول، بهدف تحديد الموقف الشرعي من القضايا المعاصرة المُلحَّة التي تتطلب حلًا شرعيًا يطمئن إليه العلماء والمتخصصون..
واسمحوا لي حضراتكم أن أتلو عليكم الإجابة التي أجبتها على هذا التساؤل منذ عشر سنوات تقريبًا في مؤتمرٍ لوزارة الأوقاف عن التجديد أيضًا، هذا ولابد من إعداد قائمة إحصائية بكبريات القضايا التي تطرح نفسها على السَّاحة الآن. وأرى أن تكون الأولوية للقضايا التي شكَّلت مبادئ اعتقادية عند جماعات التكفـــير والعنف والإرهاب المسلح، وهي على ســبيل المثـــال لا الحصر قضايا: الجهاد – الخلافة – التكفير – الولاء والبراء – تقسيم المعمورة وغيرها..
ولا يقال: إن معظم هذه القضايا قد طرح من قبل في مؤتمرات عدة، وكان في الأزهر وغير الأزهر لأننا نقول إن المطلوب في مؤتمرنا القادم إن شاء الله بيان أو وثيقة تصدر بإجماع علماء المسلمين، أو إجماع ممثلين لعلماء العالم الإسلامي، سواء بالحضور والاشتراك المباشر، أو بما يفيد الموافقة كتابة.. ويصدر هذا البيان بالعربية، مع ترجمته إلى اللغات الحَيَّة كلها، ويُوزَّع على السفارات بشكل رسمي.
وأرى أن يكون الاجتهاد في توضيح هذه المسائل اجتهادًا جماعيًّا وليس فرديًّا، فالاجتهاد الفردي فات أوانه، ولَمْ يَعُد مُمْكِنًا الآن لتشتت الاختصاصات العلمية، وتشابك القضايا بين علوم عدة، كما أرى ضرورة تمثيل المجامع الفقهية في هذا المؤتمر، وحبذا لو كان التمثيل على مستوى رؤساء المجامع أوَّلًا قبل الأعضاء..
وأقترح أنْ ينعقد المؤتمر كل عام لمراجعة ما يُستَجَد على الناس في حياتهم وملاحقة متطلبات عصرهم.
وأنا أعلم أن مؤتمرًا يُراد له أن يخرج على هذه الصورة أمرٌ شاق، ولكنه سيكون سهلًا ميسورًا إن شاء الله إذا أُحسن تشكيل اللجان، وتوزيع الأدوار، وتقسيم العمل، وأعدكم ألَّا أبخل لا بوقتي ولا بجهدي، وأن أُقَدِّم كل ما تطيقه مؤسسة الأزهر الشريف من دعم مادي وأدبي ومعنوي.
شــكرًا لحســــن استماعكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛
شـيخ الأزهـرأحـمـد الطيب
تحريراً في : 3 من رجـــب سـنة 1436ﻫ
المــــــوافـق: 22 من أبــريـــل سـنة 2015 م
_______________________________
- أخرجه الإمام أبو داود في سننه (4291)، والإمام الطبراني في المعجم الأوسط (6527)، والحاكم في المستدرك (8593)، كلهم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وقال الإمام السخاوي في المقاصد الحسنة (ص: 203): "وسنده صحيح، ورجاله كلهم ثقات... وقد اعتمد الأئمة هذا الحديث، فروينا في المدخل للبيهقي بإسناده إلى الإمام أحمد، أنه قال بعد ذكره إياه: فكان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، وفي الثانية الشافعي".
- أنظر بحثًا بعنوان: «ضرورة التَّجديد» ألقيته في مؤتمر اتجاهات التَّجديد والإصلاح في الفكر الإسلامي الحديث، "مكتبة الإسكندرية، في 18 يناير 2009م".
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه..
أيها السادة العلماء الأفاضل!
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته... ومرحبًا بكم في هذه الندوة التحضيرية البالغة الأهمية، والتي دعا إليها الأزهرالشريف تحت عنوان:
"الندوة التحضيرية لمؤتمر تجديد الفكر والعلوم الإسلامية"
هذه الندوة التي نرجو من الله تعالى أن تكون بداية موفقة، بينة المعالم واضحة المسالك والدروب، في موضوع «تجديد الفكر الديني» أو «تجديد الخطاب الديني» الذي يدور على ألسنة الكثير وأقلامهم في الآونة الأخيرة وعلى شاشات الفضاء وصفحات الجرائد، والذي يزداد غموضًا وإبهامًا والتباسًا من كثرة ما تناولته وسائل الإعلام، بغير إعداد علمي كاف لبيان فيه مفهوم التجديد، وتحديد ما هو الخطاب الذي يُراد له التجديد، وهل صحيح أن ما سموه بالخطاب الديني كان هو وحده أصل الأزمات التي يُعاني منها العالم العربي أمنيًا وسياسيًا، وكذلك التحديات التي تقف عائقًا أمام نهضته وتقدمه.
ويكفي دليلًا على هذا التخبط في تناول تجديد الخطاب الديني أنك تسمع بعض الأصوات التي تنادي بإلغاء الخطاب الديني جملةً وتفصيلًا، وتراه جزءا من الأزمة أو تراه هو الأزمة نفسها، وليس حلًّا لها، وهؤلاء لا يفصحون عن مقتضى دعوتهم هذه ولازمها المنطقي، وهو تحويل مؤسسة الأزهر إلى متحف من متاحف التاريخ، بكل تجلياتها العلمية والروحية والثقافي، وعبر أكثر من عشرة قرون، وبعد أن بات الغرب والشرق يُقرَّان بأنها أقدم وأكبر جامعة على ظهر الأرض.
وفي المقابل تسمع أصواتًا تنبعث من العُدوة القصوى لا تفهم من تجديد الخطاب الديني إلَّا العودة فقط إلى ما كان عليه سالف الأمة وصالح المؤمنين في القرون الثلاثة الأولى، وهؤلاء أيضًا يحلمون باليوم الذي يضعون فيه أيديهم على مؤسسة الأزهر ويَجْمدون برسالته وعلومه ودعوته عند حدود التَّعبُّد بمذهب واحد واعتقاد معين وأشكال ورسوم يرونها الدين الذي لا دين غيره، وهؤلاء يهددون سماحة هذا الدين الحنيف وشريعته التي تأسست على التعددية واختلاف الرأي في حرية لا نعرف لها نظيرًا في الشرائع الأخرى، وهؤلاء لا يطيقون أن يتسع الأزهر في عصره الحديث لما اتسع له عبر عشرة قرون من إجماع واتفاق على الأصول وقواطع النصوص وكليات الدين، فإذا تجاوز النظر هذه الأصول والقواطع والكليات فبابُ الاختلاف وحرية الرأي والأخذ والرد بين العلماء مفتوح على مصراعيه، وبوحي من هذا المنهج التعددي اتسعت أروقة #الأزهر وكلياته – ولازالت تتسع ليوم الناس هذا - لدراسة المذاهب الفقهية السُّنيَّة وغير السُّنيَّة دراسة علمية، لا انتقاص فيها من مذهب ولا إغضاء من شأنه أو شأن أئمته، وبنفس هذا المنظور الذي يتسع للرأي والرأي الآخر، بل الآراء الأخرى، درَّس الأزهر للدنيا كلها مذاهب علم الكلام والأصول، وكل علوم التراث النقلي والعقلي، والأزهر وإن كان قد تبنى - منذ القدم – المذهب الأشعري وروَّجه في سائر أقطار المسلمين، فذلك لأنه وجد فيه العلاج الناجع لأمراضٍ وعللٍ أصابت الفكر الدِّيني، وبخاصة في القرنين الماضيين، بسبب فرض المذهب الواحد والرأي الواحد الذي قضى على مكمن القوة في أمة الإسلام ووضعها في ذيل قائمة الأمم، ومع تمسك الأزهر وعلمائه بالمذهب الأشعري فإنه يفسح المجال واسعًا لكل المذاهب الكلامية الأخرى، وينظر إليها بحسبانها مذاهب إسلامية تستظل بظلال الإسلام الوارفة التي يستظل بها كل من ينطق بالشهادتين ويصلي إلى القبلة ويأتي أركان الإسلام والإيمان.
والأزهر وهو يتبنى مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري فإنه لا يتبناه تعصبًا لمذهب ولا لإمام من الأئمة، ولكن لأن هذا المذهب لم يكن أمرًا مخترعًا أو مُحدَثًا في الدين، بل كان انعكاسًا صادقًا أمينًا لما كان عليه النبي ﷺ وصحابته وتابعوهم من يسر وبساطة في الدين: عقيدة وشريعة وأخلاقًا، وهذه قضية تخفى على كثير ممَّن يكتبون الآن عن المذهب الأشعري، وأعني بها أن الأشعري -رحمه الله – لم يخترع مذهبًا جديدًا كمذهب الاعتزال أو المذاهب الأخرى التي يسهل على الباحث أن يعثر فيها على أنظار ودقائقَ تصطدم اصطدامًا صريحاً بنصوص الكتاب والسُّنَّة.
وما فعله الأشعري هو صياغة مذهب عقدي ينصر فيه القرآن والسُّنَّة بدلالات العقول وببيان أنَّ نصوص الوحي تستقيم على طريق العقل الخالص إذا تجرَّد من شوائب الهوى ولجاج الجدل والأغاليط، يقول الإمام البيهقي فيما ينقله ابن عساكر: «لم يُحْدِث {الأشعري} في دينِ الله حَدَثًا، ولَم يأت فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين، فنصرها بزيادة شرح وتبيين، وأن ما قالوا في الأصول وجاء به الشرع صحيح في العقول، خلاف ما زعم أهل الأهواء من أن بعضه لا يستقيم في الآراء».
السَّادة الفُضلاء!
لقد اتصل المسلمون بالغرب منذ أكثر من قرنين من الزمان وكانت هذه الفترة كافية ليقظتهم ويقظة العرب والمسلمين، ولوقوفهم الآن في مصاف دول كاليابان وغيرها من الدول التي نهضت بعد نهضة العالم العربي، ولكن ماكينة التكفير والإقصاء والجدل الكريه – والتي لم تتوقف آثارها المُدَمِّرة حتى كتابة هذه السطور - لم تترك لمفكري العرب ومثقفيهم وعلمائهم فرصة هادئة تمكنهم الانكباب على ترسيخ ثقافة تدفع بأوطانهم إلى مكانة لائقة بأمة تختزن أراضيها ثروات يحسدها عليها العالم، وتمتلك من الطاقة البشرية ما يمكنها – لو أرادت- من استثمار هذه الثروات.
انظروا أيُّها السَّادة العُلَمَاء الأجلَّاء إلى طواحين الهواء التي تستهلك جهدنا وطاقتنا، والتي يسهر لها الناس حتى مطلع الفجر، وابحثوا عن الموضوع لتجدوه أخيلة وأوهامًا وحربًا كلامية حول الزواج من الطفلة الصغيرة التي لم تبلغ الحلم... وإني لأتساءل: في أي قطر من أقطار العالم العربي والإسلامي أو أجد - مثالًا واحدًا للزواج من طفلة صغيرة لم تبلغ الحلم! وأين توجد هذه الظاهرة التي يستعر حولها النقاش والحوار، ومنذ متى كان المسلمون يزوجون الطفلة الصغيرة ويقيمون لها الأفراح ويزفونها إلى زوجها الكبير أو الشاب؟!
وفي أي كتاب من كتب تاريخ المسلمين أقرأ هذا التهويل؟ ومعركة حد الردة التي تبعث ن بطون الكتب للتهجم على التراث.. ألم يشاهد هؤلاء المتهجمون البرامج الفضائية التي يظهر فيها شباب مصري ملحد، يتباهون بإلحادهم، ويجادلون ما شاء لهم الجدل والحوار، ويكاثرون بجمعياتهم وأعدادهم؟! مَن مِن هؤلاء الملحدين أُقيم عليه حَد الردَّة أو مسَّه أحد بسوء. وأنا شخصيًا تحدثت في حلقات عدة عن «الإلحاد والملحدين» هل صدرت كلمة واحدة تطالب بتطبيق حد الردة على هؤلاء؟! إن هذه البرامج التي تقتل أوقات المصريين وتعبث بوحدة صفهم وبتركيزهم وانتباههم لما يُدبَّر لبلدهم، هذه البرامج تتعامل مع «أشباح» لا وجود لها على أرض الواقع في بلاد المسلمين، ومن المضحك أنْ يزعم لنا هؤلاء أنهم إنما جاءوا لتجديد الخطاب الديني، وأن العناية الإلهية بعثتهم ليجددوا لنا أمر ديننا هكذا في ثقة يحسدون عليها..
واعتذر لكم أيها السادة العلماء من هذا الاستطراد التي تبعثه شجون وآلام من جراء هذا الانفلات الذي تقف وراءه أجندات غريبة على الإسلام والمسلمين، تتوازى تمامًا مع أجندات التَّفجير والتَّدمير والنَّسف من الجذور، والمقصود من وراء ذلك وهو لا يخفى على كل ذي لب هو: ضرب الاستقرار وزرع بذور الفتنة والانقسام.. وهو هو أسلوب المستعمرين وعبثهم بمصر والعالم العربي منذ أكثر من قرنين من الزمان.
أما عن التَّجديد فإني أُلخِّص كلامي فيه فيما يلي:
إن التجديد هو خاصة لازمة من خواص دين الإسلام، نبَّه عليها النبي ﷺ في قوله الشريف: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» ( )، وهذا هو دليل النقل على وجوب التجديد في الدين، أما دليل العقل فهو أنَّنا إذا سَلَّمنا أن رسالة الإسلام رسالة عامَّة للنَّاس جميعًا، وأنها باقية وصالحة لكل زمان ومكان، وأن النُّصوص محدودة والحادثات لا محدودة.. فبالضَّرورة لا مفرَّ لك من إقرار فرضية التَّجديد آلة محتَّمة لاستكشاف حُكم الله في هذه الحوادث.
غير أنَّ الخلاف سُرعان ما دب في فهم المقصود من التَّجديد في الحديث الشريف، وهذا ما يجده الباحث في كتب الجلال السيوطي وغيره من المُحْدَثين أيضًا من قضايا مثل: تحديد رأس المائة، وما المراد بالتَّجديد؟ ومن هم المجددون؟ وهل المُجَدِّد واحد أو أكثر( ).. والذي يهمنا هنا هو: ما المقصود من التَّجديد؟
إنَّ الأقدمين يُفَسِّرون التَّجديد المنصوص عليه في الحديث بأنه العودة إلى العمل بالكِتاب والسُّنَّة، وإزالة ما غشيها من البِدَع والضلالات، وهُنَا يأتي السؤال: هل التَّجديد الذي سنناقشه في مؤتمرنا الكبير إن شاء الله حول التَّجديد هو هذا المعنى البسيط الذي ذهب إليه القدماء مع الأخذ في الحسبان أن التَّجديد بهذا المعنى سوف يترك المشكلات المُعاصرة كما هي دون علاج ولا تحديد موقف شرعي تجاهها.. أو المطلوب الآن هو إمعان النظر في نصوص القرآن والسُّنَّة والأحكام الفقهية وإعادة قراءتها قراءة ملتزمة بكل القواعد التي حرص أئمة التفسير والحديث والأصول، بهدف تحديد الموقف الشرعي من القضايا المعاصرة المُلحَّة التي تتطلب حلًا شرعيًا يطمئن إليه العلماء والمتخصصون..
واسمحوا لي حضراتكم أن أتلو عليكم الإجابة التي أجبتها على هذا التساؤل منذ عشر سنوات تقريبًا في مؤتمرٍ لوزارة الأوقاف عن التجديد أيضًا، هذا ولابد من إعداد قائمة إحصائية بكبريات القضايا التي تطرح نفسها على السَّاحة الآن. وأرى أن تكون الأولوية للقضايا التي شكَّلت مبادئ اعتقادية عند جماعات التكفـــير والعنف والإرهاب المسلح، وهي على ســبيل المثـــال لا الحصر قضايا: الجهاد – الخلافة – التكفير – الولاء والبراء – تقسيم المعمورة وغيرها..
ولا يقال: إن معظم هذه القضايا قد طرح من قبل في مؤتمرات عدة، وكان في الأزهر وغير الأزهر لأننا نقول إن المطلوب في مؤتمرنا القادم إن شاء الله بيان أو وثيقة تصدر بإجماع علماء المسلمين، أو إجماع ممثلين لعلماء العالم الإسلامي، سواء بالحضور والاشتراك المباشر، أو بما يفيد الموافقة كتابة.. ويصدر هذا البيان بالعربية، مع ترجمته إلى اللغات الحَيَّة كلها، ويُوزَّع على السفارات بشكل رسمي.
وأرى أن يكون الاجتهاد في توضيح هذه المسائل اجتهادًا جماعيًّا وليس فرديًّا، فالاجتهاد الفردي فات أوانه، ولَمْ يَعُد مُمْكِنًا الآن لتشتت الاختصاصات العلمية، وتشابك القضايا بين علوم عدة، كما أرى ضرورة تمثيل المجامع الفقهية في هذا المؤتمر، وحبذا لو كان التمثيل على مستوى رؤساء المجامع أوَّلًا قبل الأعضاء..
وأقترح أنْ ينعقد المؤتمر كل عام لمراجعة ما يُستَجَد على الناس في حياتهم وملاحقة متطلبات عصرهم.
وأنا أعلم أن مؤتمرًا يُراد له أن يخرج على هذه الصورة أمرٌ شاق، ولكنه سيكون سهلًا ميسورًا إن شاء الله إذا أُحسن تشكيل اللجان، وتوزيع الأدوار، وتقسيم العمل، وأعدكم ألَّا أبخل لا بوقتي ولا بجهدي، وأن أُقَدِّم كل ما تطيقه مؤسسة الأزهر الشريف من دعم مادي وأدبي ومعنوي.
شــكرًا لحســــن استماعكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛
شـيخ الأزهـرأحـمـد الطيب
تحريراً في : 3 من رجـــب سـنة 1436ﻫ
المــــــوافـق: 22 من أبــريـــل سـنة 2015 م
_______________________________
- أخرجه الإمام أبو داود في سننه (4291)، والإمام الطبراني في المعجم الأوسط (6527)، والحاكم في المستدرك (8593)، كلهم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وقال الإمام السخاوي في المقاصد الحسنة (ص: 203): "وسنده صحيح، ورجاله كلهم ثقات... وقد اعتمد الأئمة هذا الحديث، فروينا في المدخل للبيهقي بإسناده إلى الإمام أحمد، أنه قال بعد ذكره إياه: فكان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، وفي الثانية الشافعي".
- أنظر بحثًا بعنوان: «ضرورة التَّجديد» ألقيته في مؤتمر اتجاهات التَّجديد والإصلاح في الفكر الإسلامي الحديث، "مكتبة الإسكندرية، في 18 يناير 2009م".
أحمد كمال أبو المجد: الذين يتطاولون على الازهر الشريف، يحتاجون إلى أياد وألسنة أطول لتحقيق أهدافهم، ولن يحققوها
قال الدكتور أحمد كمال أبو المجد، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن الدعاة الذين يتصدرون للدعوة الإسلامية، يجب أن يكونوا قريبين من الناس، يتصفون بالبساطة والمرح، حتى يكونوا مقبولين، مضيفًا أن التطرف والتشدد في التعامل، ظهر في الفترات الأخيرة، وتسببت في تقديم صورة سيئة للإسلام.
وأكد أبو المجد، أن التطاول على الأزهر الشريف، الذي يصدر من بعض الأشخاص الذين يزعمون أنهم مجددون، بهدف النيل من ثوابت الدين الإسلامي، لن يحقق أهدافه، وأضاف " إنهم بحاجة إلى أيد وألسنة أطول مما لديهم لتحقيق ذلك"، ولن يحققوه.
من جانبه قال الدكتور محمد كمال إمام أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الإسكندرية، إن التجديد في المفهوم الإسلامي يجب أن ينطلق من ثابتان أولهما: أن الإسلام عقيدة وشريعة، وعبادة ومعاملة، فمن زعم أن الدين علاقة روحية بين العبد وربه لا صلة له بشئون الناس، فقد فصل المعاملات عن الدين، والثابت الثاني:أن التجديد لا يعني عزل النصوص عن ولايتها الشرعية، ولا تنصيب العقل وصيًا عليها، له حرية القبول والرفض،فالعقل لن يسترد هيبته بالاجتراء على النص، بل يستردها باستعادة مهامه في الفهم الصائب.
قال الدكتور أحمد كمال أبو المجد، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن الدعاة الذين يتصدرون للدعوة الإسلامية، يجب أن يكونوا قريبين من الناس، يتصفون بالبساطة والمرح، حتى يكونوا مقبولين، مضيفًا أن التطرف والتشدد في التعامل، ظهر في الفترات الأخيرة، وتسببت في تقديم صورة سيئة للإسلام.
وأكد أبو المجد، أن التطاول على الأزهر الشريف، الذي يصدر من بعض الأشخاص الذين يزعمون أنهم مجددون، بهدف النيل من ثوابت الدين الإسلامي، لن يحقق أهدافه، وأضاف " إنهم بحاجة إلى أيد وألسنة أطول مما لديهم لتحقيق ذلك"، ولن يحققوه.
من جانبه قال الدكتور محمد كمال إمام أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الإسكندرية، إن التجديد في المفهوم الإسلامي يجب أن ينطلق من ثابتان أولهما: أن الإسلام عقيدة وشريعة، وعبادة ومعاملة، فمن زعم أن الدين علاقة روحية بين العبد وربه لا صلة له بشئون الناس، فقد فصل المعاملات عن الدين، والثابت الثاني:أن التجديد لا يعني عزل النصوص عن ولايتها الشرعية، ولا تنصيب العقل وصيًا عليها، له حرية القبول والرفض،فالعقل لن يسترد هيبته بالاجتراء على النص، بل يستردها باستعادة مهامه في الفهم الصائب.
الدكتور حمدي زقزوق خلال الندوة التحضيرية لمؤتمر التجديد في الفكروالعلوم الإسلامية: التجديد العلمي في الإسلام لا حدود له على الإطلاق
قال الدكتور محمود حمدي زقزوق، عضو هيئة كبارالعلماء، إنه لابد لنا أن نحدد مكانة العقل في الإسلام، حتى نبين نظرة الإسلام للعقل الإنساني، لأن هناك بعض الاتجاهات تقلل من قيمة العقل بل ترفضه على الإطلاق، مضيفًا أن الله نفخ في روح آدم ثم أعطاه الأسماء كلها، أي أعطاه مفاتيح العلم، ففهم ذلك جيدا كي يستغل ذلك حين يهبط إلى الأرض هو وذريته، فإذا كان الله قد علم آدم الاسماء فعليه أن يبحث وينقب في كل مكان في هذا الكون، حتى يحقق مراد الله في إعمار الأرض.
وأضاف فضيلته خلال الندوة التحضيرية لمؤتمر التجديد في الفكر والعلوم الإسلامية، إن القرآن الكريم يعلمنا أن البحث العلمي في الإسلام لا حدوده له على الإطلاق، وقد وردت آيات عديدة في القرآن الكريم تدعو إلى التفكر والبحث، مضيفًا أننا عندما نتحدث عن التجديد في الفكر يجب أن ندرك أن الفكر متغير ومتجدد ولا حدود له.
وبين الدكتور زقزوق أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دعا إلى التجديد بقوله : ( إن الله يبعث للأمة على كل مائة عام من يجدد لها دينها )، وقد حدد هذا الحديث آلية لهذا التجديد، فكان آليته هو الإجتهاد، مضيفًا أن الأمة الإسلامية شهدت ازدهارا حضاريا غير مسبوق في القرون الأولى، ولو استمر الخط البياني لهذا التقدم لكان المسلمين اليوم في مقدمة العالم، ولكن العالم الإسلامي انتكس علميا واجتماعيا ودينيا ايضا، ولابد من تكاتف جهود العلماء الأمة للنهوض بها وتجديد فكرها.
AL Azhar AL Shareef - الأزهَرُ الشَّريفُ
قال الدكتور محمود حمدي زقزوق، عضو هيئة كبارالعلماء، إنه لابد لنا أن نحدد مكانة العقل في الإسلام، حتى نبين نظرة الإسلام للعقل الإنساني، لأن هناك بعض الاتجاهات تقلل من قيمة العقل بل ترفضه على الإطلاق، مضيفًا أن الله نفخ في روح آدم ثم أعطاه الأسماء كلها، أي أعطاه مفاتيح العلم، ففهم ذلك جيدا كي يستغل ذلك حين يهبط إلى الأرض هو وذريته، فإذا كان الله قد علم آدم الاسماء فعليه أن يبحث وينقب في كل مكان في هذا الكون، حتى يحقق مراد الله في إعمار الأرض.
وأضاف فضيلته خلال الندوة التحضيرية لمؤتمر التجديد في الفكر والعلوم الإسلامية، إن القرآن الكريم يعلمنا أن البحث العلمي في الإسلام لا حدوده له على الإطلاق، وقد وردت آيات عديدة في القرآن الكريم تدعو إلى التفكر والبحث، مضيفًا أننا عندما نتحدث عن التجديد في الفكر يجب أن ندرك أن الفكر متغير ومتجدد ولا حدود له.
وبين الدكتور زقزوق أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دعا إلى التجديد بقوله : ( إن الله يبعث للأمة على كل مائة عام من يجدد لها دينها )، وقد حدد هذا الحديث آلية لهذا التجديد، فكان آليته هو الإجتهاد، مضيفًا أن الأمة الإسلامية شهدت ازدهارا حضاريا غير مسبوق في القرون الأولى، ولو استمر الخط البياني لهذا التقدم لكان المسلمين اليوم في مقدمة العالم، ولكن العالم الإسلامي انتكس علميا واجتماعيا ودينيا ايضا، ولابد من تكاتف جهود العلماء الأمة للنهوض بها وتجديد فكرها.
AL Azhar AL Shareef - الأزهَرُ الشَّريفُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق