الاثنين، 30 يوليو 2018

إذا كان الاختلاط مباحا في الحج فلم لا يباح في الصلاة

الزعم :
- إذا كان الاختلاط مباحا في الحج فلم لا يباح في الصلاة، وتصلي المرأة بجوار الرجل؟!!
التصحيح:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد:
فإن الاختلاط بين الرجال والنساء أباحه الإسلام بضوابط مشروطة حين تدعو إليه الحاجة أو الضرورة، فالإسلام يسعى لغلق أبواب الفتن، وعدم إشاعة الفواحش.
وحين نطالع التاريخ الإسلامي، ونرى المجتمع النبوي كيف كان يعيش؟ فإننا سنرى أننا أمام مجتمع طاهر نقي لا تزاحم فيه النساءُ الرجالَ، ومع هذا فلهن كامل الحقوق التي يتمتع بها الرجال، فالنساء شقائق الرجال.
روى الشيخان في صحيحيهما صحيح البخاري (9/ 101)، صحيح مسلم (4/ 2028)، واللفظ للبخاري بسنده عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ: «اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا»، فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ...." الحديث.
ــ وكانت المرأة تشارك في الحروب، وتحضر الأعياد، وتخرج إلى الصلوات...إلخ، لكن مع التأدب بآداب الشريعة الغراء، ففي الصلوات مثلا يكُنَّ آخر الصفوف، لا تختلط صفوف الرجال بصفوف النساء، ولا يدخلن أو يخرجن مع الرجال...
أما في الحج فيسير على النهج نفسه، لا مخالطة ولا تداخل بين الرجال والنساء، بل كانت الرجال تخرج من البيت الحرام لتدخل النساء فيطفن بالبيت من غير مزاحمة الرجال لهن.
أخرج الإمام البخاري في صحيحه (2/ 153) بسنده عن ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ، قَالَ: كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ؟ وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الرِّجَالِ؟ قُلْتُ: أَبَعْدَ الحِجَابِ أَوْ قَبْلُ؟ قَالَ: إِي لَعَمْرِي، لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الحِجَابِ، قُلْتُ: كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ، كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَطُوفُ حَجْرَةً مِنَ الرِّجَالِ، لاَ تُخَالِطُهُمْ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: «انْطَلِقِي عَنْكِ»، وَأَبَتْ، يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ، فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ البَيْتَ، قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ، وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ، وَكُنْتُ آتِي عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيرٍ، قُلْتُ: وَمَا حِجَابُهَا؟ قَالَ: هِيَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ، لَهَا غِشَاءٌ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا مُوَرَّدًا."
فقول عطاء: "لم يكن يخالطن ..." وما بعده؛ صريح في أن النساء لم يكن يخالطن الرجال في الطواف بالبيت.
ــ إذن المقدمة المطروحة في السؤال وهي أن الاختلاط في الحج مباح؛ هي مقدمة خاطئة.
لكن الواقع الآن يثبت أن هناك اختلاطًا ـ فعلا ـ بين الرجال والنساء؟!!
هذا صحيح، لكنه ليس الأصل، بل جوُّز للحاجة أو الضرورة؛ لأجل التزاحم الشديد الموجود الآن، وأيضا فكثير من الرجال يصطحبون معهم نساءهن ويخافون الفتنة عليهن من الفُسَّاق وأصحاب النوايا السيئة الذين يوجدون في كل مكان، فلا يتركهن سلعة أمام أصحاب النوايا السيئة بحجة عدم الاختلاط!!
فاختلاط المرأة بالرجال وهي مع محرمها أولى من تركها مع الخوف عليها من فتنة الآخرين. والله أعلم.
مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق