اصدر الرئيس الامريكي أوامره فجر اليوم الجمعة الموافق 7 ابريل 2017، للأسطول السادس الأمريكي المتواجد في البحر المتوسط بتوجيه ضربات صاروخية ضد قاعدة " الشعيرات " الجوية السورية الواقعة في ريف حمص على مسافة 87 كم من البحر، وذلك بحجة الرد على ماتم إدعاؤه بأن الطيران السوري هو المتورط في الهجوم بالأسلحة الكيميائية على بلدة " خان شيخون " في ريب " إدلب " يوم 4 ابريل 2017.
الهجوم تم تنفيذه بواسطة المدمرتين " يو إس إس روس USS Ross (DDG-71) " و " يو إس إس بورتر USS Porter (DDG-78) " من فئة مدمرات " أرلي بيرك Arleigh Burke Class " وقامتا بإطلاق 59 صاروخا جوالا مضادا للأهداف البرية طراز " توماهوك RGM-109 Tomahawk " البالغ مداه 1700 كم للبلوك الرابع ويمتلك رأسا حربيا يزن 450 كج وسرعته القصوى 890 كم / س ويعتمد في الملاحة والتوجيه على منظومة الملاحة بالقصور الذاتي INS والقمر الصناعي GPS ونظام مطابقة كفاف التضاريس TERCOM للطيران المنخفض فوق التضاريس المختلفة.
البنتاجون أعلن عن إبلاغه الجانب الروسي عن الضربة قبل تنفيذها، وقد اخلت القيادة السورية معظم قواتها وطائراتها من المطار قبل تنفيذ الضربة.
وزارة الدفاع الروسية اعلنت في بيانها عن الآتي :
- 23 صاروخا فقط هو مجموع الصواريخ التي ضربت المطار في حين الـ36 الاخرون لم يصلوا غير معروف موضع سقوطهم وجاري البحث عنهم وبحسب تعبير المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية فإنه "بذلك،تعد الفعالية القتالية للضربة الأمريكية المكثفة على القاعدة الجوية السورية متدنية للغاية ".
- الضربة تسببت في مقتل 4 عسكريين سوريين، فيما مازال 2 آخران في عداد المفقودين. بالإضافة إلى إصابة 6 عسكريين آخرين بحروق أثناء مشاركتهم في إخماد الحرائق التي نشبت جراء سقوط الصواريخ الأمريكية.
- الضربة أسفرت عن تدمير مستودع معدات وجناح دراسي ومطعم و6 مقاتلات "ميج-23" كانت داخل حظائر إصلاح وكذلك محطة رادار. والصواريخ سقطت على مسافة 150 - 200 مترا من مدرج الطيران بالقاعدة.
ردود فعل الجانب الروسي :
- موسكو تدعو مجلس الأمن الدولي إلى عقد جلسة طارئة من أجل بحث الغارة الصاروخية الأمريكية على سوريا. وتصف الضربة الأمريكية بالعمل العدواني وستضر بالعلاقات مع روسيا، وستعرقل بشكل كبير إنشاء تحالف لمكافحة الإرهاب.
- الرئيس الروسي يعقد اجتماعا لمجلس الأمن القومي الروسي على خلفية الضربات الأمريكية لسوريا.
- الاعلان عن الاتجاه لتعزيز قدرات الدفاع الجوي المضاد للصواريخ لدى الجيش السوري.
- الاعلان عن تجميد العمل باتفاق سلامة الطيران مع الولايات المتحدة لتفادي الحوادث وتوفير أمن التحليق في سوريا.
ردود الفعل الأخرى :
- الرئاسة السورية اعلنت في بيان رسمي لها أن ما قامت به أمريكا ما هو إلا تصرف أرعن غير مسؤول ولا ينم إلا عن قصر نظر وضيق أفق وعمى سياسي وعسكري عن الواقع. وأشارت الرئاسة إلى أنه إذا كان النظام الأمريكي يعتقد بأنه بهذا الاعتداء قد تمكن من دعم عملائه من العصابات والمنظمات الإرهابية على الأرض فإن الجمهورية العربية السورية تؤكد وبصريح العبارات أن هذا العدوان زاد من تصميم سورية على ضرب هؤلاء العملاء الإرهابيين وعلى استمرار سحقهم ورفع وتيرة العمل على ذلك أينما وجدوا على مساحة الأراضي السورية.
- المعارضة السورية أعلنت تأييدها للضربة وتؤكد انها وحدها غير كافية ولن تغير شيئا على الارض اذا لم تستمر.
- الصين دعت الى تفادى أي تدهور جديد للوضع فى سوريا بعد الضربة الصاروخية الأمريكية مُنددة بـ" استخدام أي بلد " للأسلحة الكيميائية.
- تركيا اعلنت عن تأييدها للضربة الامريكية ودعت لإنشاء منطقة حظر جوي فوق سوريا واعلنت خارجيتها عن ضرورة الاطاحة بالرئيس بشار الاسد في اقرب وقت.
- بريطانيا وفرنسا واليابان وإسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين والكويت والأردن رحبوا جميعا بالضربة الأمريكية.
- ألمانيا اعتبرت أن الضربة الأمريكية لسوريا كانت مبررة، لكنها تدعو إلى تركيز الجهود على التسوية السياسية للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد ديمقراطيا.
- وزير الخارجية النمساوي أعلن أن فيينا تدرك أن الغارة الأمريكية على سوريا جاءت لمنع تكرار الهجمات الكيميائية، مشددا على أن قرارا كهذا يجب أن يتخذه مجلس الأمن.
- الخارجية السويدية تعتقد أن القصف الأمريكي على قاعدة الشعيرات الجوية يثير تساؤلا حول مدى انسجام مثل هذه التصرفات مع القانون الدولي.
بيان الخارجية المصرية :
تتابع جمهورية مصر العربية بقلق بالغ تداعيات أزمة "خان شيخون" التي راح ضحيتها عشرات المدنيين السوريين الأبرياء بتأثير الغازات السامة المحرمة دوليا، وما ترتب علي ذلك من تطورات خطيرة.
وتؤكد مصر علي أهمية تجنيب سوريا ومنطقة الشرق الأوسط مخاطر تصعيد الازمة حفاظا علي سلامة شعوبها، وتري ضرورة سرعة العمل علي إنهاء الصراع العسكري في سوريا حفاظا علي أرواح الشعب السوري الشقيق ومقدراته، وذلك من خلال التزام كافة الأطراف السورية بالوقف الفوري لإطلاق النار، والعودة الي مائدة المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة .
هذا، وتدعو جمهورية مصر العربية كل من الولايات المتحدة الامريكية روسيا الاتحادية الي التحرك الفعال علي أساس مقررات الشرعية الدولية، وما تتحلي به الدولتان من قدرات، لاحتواء أوجه الصراع والتوصل الي حل شامل ونهائي للازمة السورية التي تفاقمت علي مدار السنوات الست الماضية، وتكلفتها الباهظة في الأرواح، وتشريد المواطنين السوريين واتساع رقعة التدمير، وهو الامر الذي بات ملحا لإخراج سوريا من المنزلق الخطير الذي تواجهه، وذلك انطلاقا من مسئولياتهما تجاه حفظ السلم والأمن الدوليين.
تحليل واستنتاجات :
1) الضربة الأمريكية هي شو اعلامي ضخم يُظهر الرئيس الامريكي كالبطل الذي يدافع عن حقوق الشعب السوري ضد عدوان نظام بشار الاسد، ليكسب شعبية وتأييدا وتثبيتا لحكمه دوليا ومحليا، وهذه الضربة تمت بتنسيق كامل مع الجانب الروسي بدليل ابلاغ البنتاجون لهم بالضربة قبل تنفيذها وقيام القيادة السورية باخلاء المطار، وخاصة ان ردود الافعال الروسية لا تنم ابدا عن النية للتصعيد او العدائية حتى مع الاجراءات السالف ذكرها، وكذلك رد الفعل الصيني الهادىء اكثر من اللازم ويجدر بنا الاشارة للزيارة الحالية للرئيس الصيني للولايات المتحدة.
2) الاعلان عن اصابة 23 ضاروخا لإهدافها فقط من اصل 59 صاروخا تم اطلاقهم والبحث عن الـ36 الباقية -بحسب ماصرحت به وزارة الدفاع الروسية- يفتح الباب لعدة احتمالات :
أ- تم اعتراض هذه الصواريخ من قبل الدفاعات الجوية الروسية مُتمثلة في انظمة اس-400 واس-300 وبانتسير وتور ام، او الدفاعات الجوية السورية متمثلة في انظمة البانتسير.
ب- هذه الصواريخ ضلت طريقها نتيجة لأخطاء في انظمة الملاحة والتوجيه ولكن هذا امر مستبعد نظرا لضخامة العدد المفقود وخاصة ان التوماهوك الامريكي معروف بدقته العالية في اصابة اهدافه وتم استخدامه في عمليات عسكرية عديدة في السابق واثبت كفاءته العالية في اصابة اهدافه. وبالتالي فإن من غير المنطقي ان يصاب 36 صاروخا دفعة واحدة بالخلل وهم يمثلون 61% من العدد المستخدم في الهجوم.
ج- ان يكون الجانب الامريكي قد تعمّد اطلاق الصواريخ في اتجاه مختلف ووجه الـ23 الباقية ناحية القاعدة، لغرض التضخيم من حجم العمل العسكري وخاصة ان 59 صاروخا يُعد عددا ضخما على قاعدة جوية واحدة، وان يكون قد تم هذا الامر ايضا بالتنسيق مع الجانب الروسي.
3) نستبعد حدوث اي تصعيد من قبل الجانب الروسي او الامريكي وكلاهما ليس بالغباء لإشعال فتيل حرب عالمية ثالثة، وسيتم الاكتفاء بالتراشق الاعلامي السياسي وبعض الاجراءات الشكلية، وستكون هناك مواءمات وتفاهمات سيتحدد على اساسها مصير الاسد خلال الفترة القادمة عبر الحل السياسي.
4) هذه الضربة فيها رسائل خفية لايران لتحد من دعمها للنظام السوري وحزب الله في الجنوب اللبناني وتلتزم بالمسار المخطط لها.
5) ستحاول الجماعات المسلحة والتنظيمات الارهابية استغلال هذا الوضع لتكثيف هجماتها على المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري لتحقيق اية مكاسب سريعة على الارض، وقد بدأت فعليا في شن عدد من الهجمات في اعقاب الضربة الصاروخية الأمريكية.
6) مطار الشعيرات سيعود للعمل مرة اخرى خلال ايام نظرا لحجم الضرر الغير مؤثر.
الدروس العسكرية المستفادة من الضربة فيما يخص مصر :
- الصواريخ الجوالة المُطلقة من القطع البحرية سواء السفن او الغواصات لها اهمية استراتيجية هائلة لتوجيه الضربات داخل العمق لتكون الذراع الطولى الضاربة لأية قوة عسكرية، وبالتالي فإن امتلاك هذه النوعية من الصواريخ على اكثر من منصة سواء جوية او بحرية او برية هو امر ضروري وحيوي، ويمكن ان تغني عن امتلاك حاملة طائرات مقاتلة بتكاليفها الخرافية وحاجتها الى التأمين الغير عادي.
- امتلاك الانظمة المتخصصة في اعتارض الصواريخ الجوالة اصبح ضرورة مُلحة لا بديل لها واهمها انظمة البانتسير Pantsir S الصاروخية المدفعية المُختلطة والتور ام Tor M، ولكن يأتي في مقدمتها الانظمة ذات التكلفة المنخفضة مقابل الاستخدام بكثافة نيرانية عالية مع ميزة " اطلق وانسى Fire & Forget " كالايجلا اس Igla S والافينجر Avenger الذي يستخدم صواريخ ستينجر Stinger، فهذه الانظمة تتميز بتكلفتها المنخفضة جدا مقارنة بالانظمة ذاتية الحركة التي تعتمد على توجيه الرادار ذات التكلفة الاكبر، مما يسمح باستخدامها بكثافة كبيرة دون مشكلات لكي لا يتم استنزاف الانظمة الاغلى ثمنا واستخدامها مع اهداف اكثر قيمة وخطورة.
- اذا حللنا جزئية وصول 23 صاروخا فقط لهدفهم مع صحّة اعتراض الـ36 الاخرين بواسطة انظمة الدفاع الجوي، فإن الدفاع الجوي المصري لديه فرصا ممتازة جدا للتعامل مع والتصدى الى موجة اغراق صاروخي اسرائيلي ( لن نتحدث نهائيا عن سيناريو هجوم امريكي على مصر لاستحالته ومصر ليست بالغباء لتسقط في فخ معاداة دولة كالولايات المتحدة لأسباب كثيرة ابسطها عدم التكفاؤ التام في ميزان القوى بين الجانبين )، حيث لا يمتلك الجانب الاسرائيلي نفس القدرة التسليحية الامريكية المتمثلة في المدمرات والغواصات المسلحة بصواريخ توماهوك الجوالة، بل فقط الطائرات المقاتلة والمنصات الارضية، لكن بحرية اسرائيل لا تملك اية قدرات اطلاق صواريخ جوالة مضادة للأهداف الارضية باستثناء غواصات الدولفين التي تتسلح بصواريخ " بوب آي تيربو Popeye Turbo " الجوالة الحاملة للرؤوس النووية والبالغ مداها 1500 كم، ولكن حتى هذه الصواريخ لا تتسلح كل غواصة الا بعدد 4 - 6 منها على اقصى تقدير كونها غواصات ديزل يصل العدد القصى الذي تحمله من الطوربيدات والصواريخ الى 14 فقط ( يكون العدد مختلطا مابين الطوربيدات والصواريخ المضادة للسفن والصواريخ المضادة للأهداف البرية)، وان هذه الصواريخ لا تستخدم الا للردع لا اكثر.
- الدفاع الجوي المصري في حاجة الى تكثيف التعاقدات على انظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى المتخصصة في اصطياد الصواريخ وعلى رأسها البانتسير ( يُفضّل انتظار نسخة Pantsir SM الجديدة المرتقب انتهاء تطويرها عام 2018 ) والتور ام مع تكثيف استخدام انظمة الايجلا اس المحمولة على الكتف والتعاقد على انظمة " فيربا Verba " الاحدث على الاطلاق ( مطورة على اساس الايجلا ) ودعم ماسبق بأنظمة المدفعية الموجهة راداريا وكهروبصريا ذات الكثافة النيرانية العالية.
- ضرورة استخدام وسائل الانذار المبكر لرصد الهجمات بالصواريخ الجوالة من مسافة كافية وفي وقت مبكر يسمح باستخدام وسائل الاعتراض المناسبة على النحو الاتي :
1) طائرات الانذار المبكر والتحكم المحمول جوا ( أواكس AWACS ) هي العقل والمخ الرئيسي المحرك لأعمال الدفاع الجوي للتصدي للصواريخ الجوالة لما تملكه من قدرة رادارية هائلة على كشف الصواريخ الطائرة على ارتفاعات منخفضة وشديدة الانخفاض من مدايات كافية والتي يصعب على الرادارات الارضية رصدها من مدايات مماثلة بسبب كروية الارض.
2) رادارات الانذار المبكر المتخصصة في تغطية الارتفاعات المنخفضة والمنخفضة جدا والتي يتم تصيبها على مناطق مرتفعة كالجبال والهضاب والانشاءات المخصصة لهذه الاغراض وهي ايضا مهمة لكشف الطيران المعادي على هكذا ارتفاعات.
3) محطات الانذار المبكر بالنظر والمنتشرة على طول الحدود والسواحل توفر ميزة الكشف البصري والحراري للتهديدات الجوية على الارتفاعات شديدة الانخفاض والتي يصعب التقاطها بالرادارات.
4) عناصر المخابرات والاستطلاع خلف خطوط العدو، تُعد عاملا حاسما وشديد الحيوية لما يمكن ان توفره من معلومات عن الهجوم قبل حدوثه من تفاصيل عن الطائرات ونوعية التسليح وموعد الهجوم والقاعدة التي سينطلق منها ومسار الطيران والاهداف المحتملة والمؤكدة، مما يوفر الخلفية والدراية الكافيتين للتصدي للهجوم والتعامل معه واعادة تحريك وتمركز القوات، ونصب الاهداف الهيكلية الزائفة والكمائن المتنوعة لإجهاض الهجوم المعادي.
- في حال التعرض للهجوم من اتجاه البحر، فإن القطع البحرية القتالية ذات التجهيز المناسب ستمثل خطا رئيسية للدفاع الجوي الساحلي بما تملكه من وسائل للإنذار المبكر والدفاع الجوي لتعامل مع موجهة الهجوم الصاروخي الاولى مما يساعد على رصد الهجوم بشكل مبكر وتخفيف العبء على وحدات الدفاع الجوي الارضية المسؤولة عن التعامل معه.
Thunderbolt
بوابة الدفاع المصرية - Egypt Defense Portal
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق