أهمية وجدوى الميسترال وكيفية حمايتها وتأمينها وكيف ستكون نقطة تحول في عقيدة القوات البحرية المصرية .
* أولا : هناك توضيح هام لمن يظن ان الصفقات العسكرية هي مجرد عملية شراء بسيطة للسلاح، ولكنها في الحقيقة تُعد عملية مُعقّدة يشارك فيها عدة اطراف على النحو الآتي :
- شعبة العمليات، وهي المسؤولة عن دراسة وتحديد احتياجاتها للسلاح بُناءا على المهام المنوط به القيام بها . فمثلا يتم عمل دراسة حول الحاجة الى سفينة سطح مُتعددة مهام ولكن ذات قدرة موسّعة في الدفاع الجوي او مكافحة الغواصات، وان تكون ذات ازاحة لا تقل عن ( ... طن - ... طن ) وقدرة رصد وحرب إلكترونية بمواصفات ( س، ص .. إلخ ) .
- شعبة التسليح، وهي المسؤولة عن تحديد السلاح الذي ينطبق عليه المُواصفات التي وضعتها شعبة العمليات وتقوم بدراسة كافة الخيارات المُتاحة وكذلك التجهيزات التقنية للسلاح .
- شعبة المهندسين، وهي المسؤولة عن دراسة تكلفة تشغيل وصيانة السلاح وإمكانية وكيفية توفير الدعم الفني واللوجيستي والقدرة على استيعابه فنيا بشكل كامل .
- شعبة التدريب، وهي المسؤولة عن توفير الكوادر البشرية اللازمة للسلاح من ضباط ومهندسين وفنيين، وكذلك تحديد مايتطلبه التدريب من وقت وعدد افراد ومتى يُمكن ان يتم استيعابه كاملا للوصول به الى القدرة التشغيلية الكاملة Fully Operation والمُتكاملة مع باقي الانظمة التسليحية الأخرى في القوات المُسلّحة .
تقوم الشُّعب الأربعة بعقد لجان دراسة وتقييم شاملين للسلاح من كافة النواحي والجوانب المذكورة، بالإضافة الى تحديد وتوفير التمويل اللازم للصفقة وكيفية السداد والوصول لأفضل عرض بأفضل تسهيلات مالية ممكنة، وفي مقابل الحصول على افضل التجهيزات والمواصفات للسلاح، لتحقيق الجدوى العسكرية والاقتصادية .
بعض الصفقات تعمل عليها لجاناً مشتركة من القوات الجوية والبحرية ( في حال التعاقد على مروحيات بحرية لمكافحة الغواصات والنقل او طائرات دورية ومراقبة بحرية، ويتم التعاقد من قبل القوات الجوية ) او القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي ( في حال التعاقد على طائرات إنذار مبكر وتحكم محمول جوا AWACS ويتم التعاقد من قبل القوات الجوية ) وهكذا ...
* ثانيا : جدوى الميسترال وأهميتها
في البداية يجب أن نوضّح تسمة وتصنيف الميسترال لكي لا يختلط الأمر على الكثيرين :
- الميسترال في الاساس تنتمي لسفن الهجوم البرمائي Amphibious Assault Ship، مع قدرتها على حمل المروحيات، والتي تجعل منها أيضا حاملة للمروحيات Helicopter Carrier بتصنيف " LHD Landing Helicopter Dock "، وهي حاملة للمروحيات والطائرات العمودية فقط VTOL Vertical Take-off & Landing ولا يُمكنها نهائيا حمل أية طائرات مقاتلة بحرية ذات قدرة الاقلاع القصير والهبوط العمودي STOVL Short Take-off & Vertical Landing كالـF-35B او الـAV-8B Harrier ولا حتى المقاتلات البحرية العاملة على متن حاملات الطائرات Aircraft Carrier كالـRafale M او الـF/A-18 Super Hornet التي تُقلع بمساعدة من نظام اطلاق منجنيقي ويتم ايقافها عند هبوطها بنظام الكبح الخُطّافي CATOBAR Catapult Assisted Take-Off But Arrested Recovery .
الميسترال ليست مُجرّد حاملة مروحيات ذات قدرة نقل 16 مروحية ثقيلة او 35 خفيفة فحسب ; بل هي مُصمّمة في الاساس لنقل وانزال القوات البرية برمائياً من دبابات ومدرعات وجنود في مُحتلف مسارح العمليات الساحلية . وهذه القدرة تتمثل في إمكانية نقل كتيبة مشاة ميكانيكية + سرية دبابات او كتيبتي مشاة ميكانيكية او كتيبة دبابات، بجانب 450 جندي بكامل تجهيزهم القتالي ( يُمكن ان يزيد العدد الى 900 في حالة المهام قصيرة المدى ) بخلاف المُستشفى المُتكامل المُجهّر بغرفتي عمليات ملحقة بهما غرفة أشعة مزوّدة بأحدث جيل من الماسحات الاشعاعية لعمليات المسح الاشعاعي Radiography وايضا عمليات التصوير بالموجات فوق الصوتية Ultrasonography، وقسم خاص بالاسنان، و20 غرفة للمرضى و69 سرير طبّي منهم 7 أسرّة مخصصة للعناية المركزة، مع وجود 50 سريرا اضافيا مُخزنين احتياطيا حيث يُمكن تنصيبهم في هناجر المروحيات في حالات الطوارىء لزيادة الاستيعاب الاقصى للمصابين .
- وهنا سيتساءل البعض : هل احضرنا الميسترال لأجل عمليات انزال برمائي في حرب مستقبلية مع اسرائيل او عمليات انزال في اليمن وليبيا ؟!
الإجابة قطعا لا ! فلو كان الأمر كذلك لما تعاقدت البحرية المصرية على سفينة ازاحتها 21.5 ألف طن كالميسترال، ولاقتصر الأمر على سفن انزال برمائي بإزاحات اقل لن تتجاوز 7000 - 10000 طن كـ" قلعة بني عباس " إيطالية الصنع العاملة لدى البحرية الجزائرية ذات الإزاحة البالغة 9000 طن والقادرة على حمل 450 جندي + 15 دبابة ( او 30 مركبة مدرعة ) + 3 مروحيات ثقيلة ( او 5 مروحيات متوسطة / خفيفة ) . وإذا كان الامر مُتعلقاً بإسرائيل فيمكن القيام بإنزال برمائي على سواحل الأراضي المحتلة بالسفن الموجودة بالخدمة حاليا بدون أدنى مُشكلات .
في الحقيقة أن سفينة كالميسترال تُمثّل للبحرية المصرية نثقطة تحول هائلة في العقيدة القتالية والتكتيكات البحرية مُستقبلا ...
الميسترال هي تجسيد للمعنى الحقيقي لمفوم " إبراز القوة Power Projection " بالتأكيد على امتلاك ذراع طولى لتنفيذ عمليات الهجوم البرمائي في النطاق الإقليمي كاملا . والأمر لا يقتصر على ذلك بل يمتد إلى كونها مُجهزة بشكل كامل للعمل كسفينة قيادة Command Ship او مركز قيادة مُتقدم في البحر لتوجيه العمليات القتالية البحرية والبرمائية والتنسيق بين القطع البحرية والقوات الجوية ومراكز القيادة والسيطرة والانذار المبكر المحمولة جوا ( طائرات AWACS ) والارضية، نظرا لاحتوائها على نظام المعلومات التكتيكي البحري المتطور جدا " SENIT 9 Système d'Exploitation Navale des Informations Tactiques " او " System for Naval Usage of Tactical Information " ونظام القيادة والتحكم البحري " SIC 21 " المسؤول عن قيادة كافة العمليات البحرية، حتى مع القوات الصديقة والحليفة في العمليات المُشتركة والمهام الدولية .
بالنظر لهكذا قدرات، فإن الميسترال يُمكنها القيام بمهام تأمين المصالح الاقتصادية كحقول الغاز في البحر المتوسط، وذلك بالاشتراك مع السفن الحربية من مجموعة المهام والحماية المرافقة لها . فالأمر سيكون مُتمثلا في اطلاق المروحيات القتالية البحرية ومروحيات مكافحة الغواصات لضرب كافة العدائيات البحرية كسفن السطح ( بواسطة مروحيات Ka-52 المسلحة بالصواريخ المضادة للسفن ) او الغواصات ( بواسطة مروحيات NH-90 المضادة للغواصات ) ومواجهة أي محاولات قرصنة او اعتداء على حصة مصر من الغاز الطبيعي، بل سيصل الأمر الى حد تحقيق الردع البحري كاملا ضد أية اطماع او تحرّشات بحرية اسرائيلية او تركية مُحتملة مُستقبلا، وخاصة مع تزايد الصراع على حقول الغاز في هذه المنطقة .
* ثالثا : مجموعة الحماية والتأمين
يعتقد البعض أن قدوم الميسترال للبحرية المصرية سيكون نهاية المطاف !! ولكن الحقيقة الميسترال ستكون حجر الأساس وبداية النقلة النوعية للبحرية المصرية لمستوى مختلف تماما من تكتيكات ومفاهيم العمليات البحرية .
نحن نتحدث عن مفهوم قوتين للمهام البحرية Task Force تتكونان من حاملتي الميسترال والقطع المرافقة لهما، وذلك ضمن اسطولين بحريين في البحر المتوسط والبحر الأحمر .
وبناءا عليه، يمكن ان نضع تصورا مُقاربا للواقع، للشكل المُستقبلي للمجموعة القتالية المُرافقة للميسترال، والذي لن يختلف عليه أصحاب الشأن أنفسهم :
1) مدمرة دفاع جوي ( مدمرة لكل حاملة )، وهي أساس قوة الحماية والدفاع عن الميسترال، وذلك لقدرات الرصد والحرب الالكترونية المُوسّعة والحمولة الكبيرة من صواريخ الدفاع الجوي بعيدة ومتوسطة المدى .
وعندما نتحدث عن الخيارات -وبالابتعاد عن الخيارات ذات التسليح الأمريكي- سنجد أن المُرشح الأكثر قوة هي المدمرة الفرنسية " هورايزون Horizon " التي تملك 48 خلية اطلاق لصواريخ استر 15 واستر 30، او المدمرة الصينية " Type 052D " المُزودة برادار ذو مصفوفة مسح الكتروني نشط AESA ( النسخ السابقة لا تملك هذا الرادار ) وصواريخ HQ-9 المُستنسخة من الـS-300 الروسي . ولكن في حالة الصين فيجب الحصول على مدمرتين لكل حاملة لتعويض الفارق التكنولوجي عن المدمرة الفرنسية، اي اننا نتحدث عن مدمرتين لكل حاملة، مع شرط دعمها بأنظمة أوروبية وعدم الاعتماد على الانظمة الصينية نهائيا .
2) فرقاطات متعددة مهام ( فرقاطة دفاع جوي + فرقاطة مكافحة غواصات لكل حاملة )، وذلك لضمان وجود قدرات كشف متعددة لأكثر من رادار وتخفيف الضغط عن رادار المدمرة، لتكوين مظلة انذار مبكر متكاملة بعيدة المدى حول المجموعة القتالية، بجانب دعم قدرات الحرب الالكترونية للإنذار المبكر والحماية الذاتية من كافة التهديدات الجوية والبحرية .
الخيارات يُمكن ان تكون فرقاطتين " فريم FREMM " منقسمتين الى : نسخة الدفاع الجوي " فريم فريدا FREMM FREDA " المُزودة بالقدرة الكاملة على اطلاق وتوجيه صواريخ استر-30 لمداها الاقصى - نسخة مكافحة الغواصات " فريم أكيتين FREMM Aquitaine " .
* يمكن ابدال المدمرة بفرقاطتين " فريم فريدا FREMM FREDA " للدفاع الجوي + فرقاطة " فريم أكيتين FREMM Aquitaine " لمكافحة الغواصات .
3) غواصتين لتوفير أقصى قدرة لمكافحة الغواصات المُعادية وكذلك توفير قوة نيرانية اضافية ضد سفن السطح المعادية بواسطة الصواريخ المضادة للسفن والمُطلقة من الاعماق .
4) سفينة دعم لوجيستي بالوقود والمؤن .
5) كورفيتات متعددة المهام ( كورفيتين لكل حاملة ) ، وذلك في حال وجود مهمة مُطولة او بعيدة المدى تتطلب عددا اكبر من سفن الامداد وسفن القتال .
* اذا فإن الشكل النهائي لمجموعة القتال سيكون :
- مدمرة دفاع جوي + فرقاطة دفاع جوي + فرقاطة مكافحة غواصات + غواصتين + سفينة دعم وامداد ( + كورفيتين عند الحاجة ) .
أو
- مدمرة دفاع جوي + فرقاطتين دفاع جوي + غواصتين + سفينة دعم وامداد ( + كورفيتين عند الحاجة ) .
أو
- فرقاطتين دفاع جوي + فرقاطة مكافحة غواصات + غواصتين + سفينة دعم وامداد ( + كورفيتين عند الحاجة ) .
أي اننا نتحدث عن تعاقدات مُستقبلية على مدمرتين و3 فرقاطات اضافية ( فرقاطتين دفاع جوي وفرقاطة مكافحة غواصات ) او 5 فرقاطات ( 4 فرقاطات دفاع جوي وفرقاطة مكافحة غواصات )، وبكل تأكيد هذا مجرد تصور والله وحده اعلم كيف سيكون الواقع، ولكن مجرد اننا اتينا بالميسترال فهذا يعني ان هناك تعاقدات ثقيلة في الطريق، وهذا أمر منطقي وبديهي عند الحديث عن قطعة حيوية بهذا الشكل .
ولن يكون من المبالغة ان نتحدث عن تكوين لجناح جوي مخصص لدعم الأسطولين البحريين . بمعنى آخر تشكيل قوة طيران مستقلة للبحرية .
وهنا، ومن وجهة نظري المتواضعة، يمكن القول بأن الصفقة المُقبلة للرافال سيتم تخصيصها ( في حال التعاقد على 12 مقاتلة ) او تخصيص جزء منها لدعم القوات البحرية ( في حال التعاقد على 24 مقاتلة تُخصص 12 منها للبحرية )، وذلك لأن الرافال هي المقاتلة الوحيدة التي يُمكنها العمل بشكل مستقل في بيئة عدائية كاملة خارج نطاق تغطية الدفاعات الجوية الصديقة، وبالتالي سيمكنها توفير الغطاء الكامل للقوات البحرية في اعالي البحار والتعامل مع كافة العدائيات البحرية وتشكيل تهديد وردع حقيقيين لها . ويُمكن دعم الرافال في حال الحاجة بعدد من الاف-16 المُسلحة بصواريخ الهاربون المضادة للسفن او الميج-35 التي ستأتي بحزمة مُتنوعة من الصواريخ المضادة للسفن كالـKh-35 والـKh-59 والـKlub-A، مع التأكيد ان الرافال هي الاساس وأي انواع اخرى من المقاتلات ستعمل تحت غطائها .
ومُضافا الى ماسبق، لن ننسى قوة المروحيات البحرية الهجومية التي لن تقل عن 30 مروحية Ka-52K هجومية، ومعها قوة المروحيات المضادة للغواصات والمروحيات الناقلة . أي اننا فعليا نتحدث عن قوة جوية كاملة ستكون مخصصة لدعم البحرية، وبالتالي تستحق ان مثستقلة بنفسها وتابعة مباشرة لقيادة القوات البحرية وتحت كامل تصرفها .
* هنا أيضا سيُثير البعض تساؤلا ربما يبدو ساذجا ولكنه شائع لدى الكثيرين وهو : كل هذه القطع البحرية بالمليارات لأجل حماية سفينة ميسترال سعرها لن يتجاوز 600 - 800 مليون يورو على اقصى تقدير ؟!
- الاجابة بكل تاكيد أن الامر لا يدور حول ثمن الميسترال .. بل يدور عما سيكون عليها وبداخلها من مروحيات قتالية ومركبات مدرعة ودبابات وأفراد، خلاف المستشفى ومركز القيادة والعمليات، وهذا الاخير بالذات هو اهم نقطة، بخلاف كونها رمزا للقوة والذراع الطولى للدولة المصرية، وبالتالي فإن قطعة كهذه اذا تعرضت للإصابة او الإغراق فهذا يعني ان عدوك قد نجح في ضرب رمز قوتك ومركز عملياتك الرئيسي في البحر،وبكل بساطة إهانة وإذلال للدولة بأكلمها والبلدي " أخدنا على قفانا واتعلم علينا " !! نحن نتحدث هنا عن المفهوم الحقيقي لبحرية أعالي البحار والمحيطات المُحيطة بالدولة في النطاق الإقليمي Green Water Navy ( تُعتبر وسطا بين الـBrown Water Navy [ بحرية نهرية وساحلية فقط كالبحرية السودانية والقطرية ] والـBlue Water Navy [ بحرية المحيطات والمياه العميقة كالبحرية الامريكية والروسية ] ) .
إنه لمن الخطأ الاعتقاد بأن كل ماسبق لن يتحقق خلال عام او عامين ... بل نحن نتحدث عن نتائج ملموسة لن تظهر قبل 2018 - 2020 بأي حال من الاحوال، بل وستمتد الى 2022 - 2025 لنصل الى الشكل الحقيقي والنهائي للبحرية المصرية المُستقبلية .
لأن الامر ليس متوقفا على توقيتات التعاقدات والتسليم فقط، بل يشمل فترة التدريب الاساسية في الدولة المُصنّعة للسلاح، ثم التدريبات والاختبارت العملية على متن القطع الجديدة لمدة لا تقل عن عام كامل للوصول بها الى قدرتها التشغيلية كاملة Fully Operational لتصبح في نطاق الخدمة الرسمية لدى البحرية، بجانب تدريب اطقم الطيران على المروحيات والطائرات الجديدة، وتدريب الاطقم الجوية والبحرية بشكل عام على استيعاب هذه التقنيات الجديدة التي تعني مفهوما مختلفا في التكتيكات والخطط للعمليات البحرية المُستقبلية .
كما سبق وذكرنا اعلاه، فإننا نشهد بداية .. مجرد بداية لما هو قادم ... بداية العودة لأمجاد الماضي .. أمجاد بحرية محمد علي .. أمجاد بوراج المنصورة والمحلة الكبرى والاسكندرية وحمص ذات الـ100 مدفع .. أمجاد طال الانتظار لعودتها .. لتبقى مصر المحروسة محروسة بفضل من الله وبحماية قواتها البحرية ...
القوات المسلحة المصرية
Thunderbolt
* أولا : هناك توضيح هام لمن يظن ان الصفقات العسكرية هي مجرد عملية شراء بسيطة للسلاح، ولكنها في الحقيقة تُعد عملية مُعقّدة يشارك فيها عدة اطراف على النحو الآتي :
- شعبة العمليات، وهي المسؤولة عن دراسة وتحديد احتياجاتها للسلاح بُناءا على المهام المنوط به القيام بها . فمثلا يتم عمل دراسة حول الحاجة الى سفينة سطح مُتعددة مهام ولكن ذات قدرة موسّعة في الدفاع الجوي او مكافحة الغواصات، وان تكون ذات ازاحة لا تقل عن ( ... طن - ... طن ) وقدرة رصد وحرب إلكترونية بمواصفات ( س، ص .. إلخ ) .
- شعبة التسليح، وهي المسؤولة عن تحديد السلاح الذي ينطبق عليه المُواصفات التي وضعتها شعبة العمليات وتقوم بدراسة كافة الخيارات المُتاحة وكذلك التجهيزات التقنية للسلاح .
- شعبة المهندسين، وهي المسؤولة عن دراسة تكلفة تشغيل وصيانة السلاح وإمكانية وكيفية توفير الدعم الفني واللوجيستي والقدرة على استيعابه فنيا بشكل كامل .
- شعبة التدريب، وهي المسؤولة عن توفير الكوادر البشرية اللازمة للسلاح من ضباط ومهندسين وفنيين، وكذلك تحديد مايتطلبه التدريب من وقت وعدد افراد ومتى يُمكن ان يتم استيعابه كاملا للوصول به الى القدرة التشغيلية الكاملة Fully Operation والمُتكاملة مع باقي الانظمة التسليحية الأخرى في القوات المُسلّحة .
تقوم الشُّعب الأربعة بعقد لجان دراسة وتقييم شاملين للسلاح من كافة النواحي والجوانب المذكورة، بالإضافة الى تحديد وتوفير التمويل اللازم للصفقة وكيفية السداد والوصول لأفضل عرض بأفضل تسهيلات مالية ممكنة، وفي مقابل الحصول على افضل التجهيزات والمواصفات للسلاح، لتحقيق الجدوى العسكرية والاقتصادية .
بعض الصفقات تعمل عليها لجاناً مشتركة من القوات الجوية والبحرية ( في حال التعاقد على مروحيات بحرية لمكافحة الغواصات والنقل او طائرات دورية ومراقبة بحرية، ويتم التعاقد من قبل القوات الجوية ) او القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي ( في حال التعاقد على طائرات إنذار مبكر وتحكم محمول جوا AWACS ويتم التعاقد من قبل القوات الجوية ) وهكذا ...
* ثانيا : جدوى الميسترال وأهميتها
في البداية يجب أن نوضّح تسمة وتصنيف الميسترال لكي لا يختلط الأمر على الكثيرين :
- الميسترال في الاساس تنتمي لسفن الهجوم البرمائي Amphibious Assault Ship، مع قدرتها على حمل المروحيات، والتي تجعل منها أيضا حاملة للمروحيات Helicopter Carrier بتصنيف " LHD Landing Helicopter Dock "، وهي حاملة للمروحيات والطائرات العمودية فقط VTOL Vertical Take-off & Landing ولا يُمكنها نهائيا حمل أية طائرات مقاتلة بحرية ذات قدرة الاقلاع القصير والهبوط العمودي STOVL Short Take-off & Vertical Landing كالـF-35B او الـAV-8B Harrier ولا حتى المقاتلات البحرية العاملة على متن حاملات الطائرات Aircraft Carrier كالـRafale M او الـF/A-18 Super Hornet التي تُقلع بمساعدة من نظام اطلاق منجنيقي ويتم ايقافها عند هبوطها بنظام الكبح الخُطّافي CATOBAR Catapult Assisted Take-Off But Arrested Recovery .
الميسترال ليست مُجرّد حاملة مروحيات ذات قدرة نقل 16 مروحية ثقيلة او 35 خفيفة فحسب ; بل هي مُصمّمة في الاساس لنقل وانزال القوات البرية برمائياً من دبابات ومدرعات وجنود في مُحتلف مسارح العمليات الساحلية . وهذه القدرة تتمثل في إمكانية نقل كتيبة مشاة ميكانيكية + سرية دبابات او كتيبتي مشاة ميكانيكية او كتيبة دبابات، بجانب 450 جندي بكامل تجهيزهم القتالي ( يُمكن ان يزيد العدد الى 900 في حالة المهام قصيرة المدى ) بخلاف المُستشفى المُتكامل المُجهّر بغرفتي عمليات ملحقة بهما غرفة أشعة مزوّدة بأحدث جيل من الماسحات الاشعاعية لعمليات المسح الاشعاعي Radiography وايضا عمليات التصوير بالموجات فوق الصوتية Ultrasonography، وقسم خاص بالاسنان، و20 غرفة للمرضى و69 سرير طبّي منهم 7 أسرّة مخصصة للعناية المركزة، مع وجود 50 سريرا اضافيا مُخزنين احتياطيا حيث يُمكن تنصيبهم في هناجر المروحيات في حالات الطوارىء لزيادة الاستيعاب الاقصى للمصابين .
- وهنا سيتساءل البعض : هل احضرنا الميسترال لأجل عمليات انزال برمائي في حرب مستقبلية مع اسرائيل او عمليات انزال في اليمن وليبيا ؟!
الإجابة قطعا لا ! فلو كان الأمر كذلك لما تعاقدت البحرية المصرية على سفينة ازاحتها 21.5 ألف طن كالميسترال، ولاقتصر الأمر على سفن انزال برمائي بإزاحات اقل لن تتجاوز 7000 - 10000 طن كـ" قلعة بني عباس " إيطالية الصنع العاملة لدى البحرية الجزائرية ذات الإزاحة البالغة 9000 طن والقادرة على حمل 450 جندي + 15 دبابة ( او 30 مركبة مدرعة ) + 3 مروحيات ثقيلة ( او 5 مروحيات متوسطة / خفيفة ) . وإذا كان الامر مُتعلقاً بإسرائيل فيمكن القيام بإنزال برمائي على سواحل الأراضي المحتلة بالسفن الموجودة بالخدمة حاليا بدون أدنى مُشكلات .
في الحقيقة أن سفينة كالميسترال تُمثّل للبحرية المصرية نثقطة تحول هائلة في العقيدة القتالية والتكتيكات البحرية مُستقبلا ...
الميسترال هي تجسيد للمعنى الحقيقي لمفوم " إبراز القوة Power Projection " بالتأكيد على امتلاك ذراع طولى لتنفيذ عمليات الهجوم البرمائي في النطاق الإقليمي كاملا . والأمر لا يقتصر على ذلك بل يمتد إلى كونها مُجهزة بشكل كامل للعمل كسفينة قيادة Command Ship او مركز قيادة مُتقدم في البحر لتوجيه العمليات القتالية البحرية والبرمائية والتنسيق بين القطع البحرية والقوات الجوية ومراكز القيادة والسيطرة والانذار المبكر المحمولة جوا ( طائرات AWACS ) والارضية، نظرا لاحتوائها على نظام المعلومات التكتيكي البحري المتطور جدا " SENIT 9 Système d'Exploitation Navale des Informations Tactiques " او " System for Naval Usage of Tactical Information " ونظام القيادة والتحكم البحري " SIC 21 " المسؤول عن قيادة كافة العمليات البحرية، حتى مع القوات الصديقة والحليفة في العمليات المُشتركة والمهام الدولية .
بالنظر لهكذا قدرات، فإن الميسترال يُمكنها القيام بمهام تأمين المصالح الاقتصادية كحقول الغاز في البحر المتوسط، وذلك بالاشتراك مع السفن الحربية من مجموعة المهام والحماية المرافقة لها . فالأمر سيكون مُتمثلا في اطلاق المروحيات القتالية البحرية ومروحيات مكافحة الغواصات لضرب كافة العدائيات البحرية كسفن السطح ( بواسطة مروحيات Ka-52 المسلحة بالصواريخ المضادة للسفن ) او الغواصات ( بواسطة مروحيات NH-90 المضادة للغواصات ) ومواجهة أي محاولات قرصنة او اعتداء على حصة مصر من الغاز الطبيعي، بل سيصل الأمر الى حد تحقيق الردع البحري كاملا ضد أية اطماع او تحرّشات بحرية اسرائيلية او تركية مُحتملة مُستقبلا، وخاصة مع تزايد الصراع على حقول الغاز في هذه المنطقة .
* ثالثا : مجموعة الحماية والتأمين
يعتقد البعض أن قدوم الميسترال للبحرية المصرية سيكون نهاية المطاف !! ولكن الحقيقة الميسترال ستكون حجر الأساس وبداية النقلة النوعية للبحرية المصرية لمستوى مختلف تماما من تكتيكات ومفاهيم العمليات البحرية .
نحن نتحدث عن مفهوم قوتين للمهام البحرية Task Force تتكونان من حاملتي الميسترال والقطع المرافقة لهما، وذلك ضمن اسطولين بحريين في البحر المتوسط والبحر الأحمر .
وبناءا عليه، يمكن ان نضع تصورا مُقاربا للواقع، للشكل المُستقبلي للمجموعة القتالية المُرافقة للميسترال، والذي لن يختلف عليه أصحاب الشأن أنفسهم :
1) مدمرة دفاع جوي ( مدمرة لكل حاملة )، وهي أساس قوة الحماية والدفاع عن الميسترال، وذلك لقدرات الرصد والحرب الالكترونية المُوسّعة والحمولة الكبيرة من صواريخ الدفاع الجوي بعيدة ومتوسطة المدى .
وعندما نتحدث عن الخيارات -وبالابتعاد عن الخيارات ذات التسليح الأمريكي- سنجد أن المُرشح الأكثر قوة هي المدمرة الفرنسية " هورايزون Horizon " التي تملك 48 خلية اطلاق لصواريخ استر 15 واستر 30، او المدمرة الصينية " Type 052D " المُزودة برادار ذو مصفوفة مسح الكتروني نشط AESA ( النسخ السابقة لا تملك هذا الرادار ) وصواريخ HQ-9 المُستنسخة من الـS-300 الروسي . ولكن في حالة الصين فيجب الحصول على مدمرتين لكل حاملة لتعويض الفارق التكنولوجي عن المدمرة الفرنسية، اي اننا نتحدث عن مدمرتين لكل حاملة، مع شرط دعمها بأنظمة أوروبية وعدم الاعتماد على الانظمة الصينية نهائيا .
2) فرقاطات متعددة مهام ( فرقاطة دفاع جوي + فرقاطة مكافحة غواصات لكل حاملة )، وذلك لضمان وجود قدرات كشف متعددة لأكثر من رادار وتخفيف الضغط عن رادار المدمرة، لتكوين مظلة انذار مبكر متكاملة بعيدة المدى حول المجموعة القتالية، بجانب دعم قدرات الحرب الالكترونية للإنذار المبكر والحماية الذاتية من كافة التهديدات الجوية والبحرية .
الخيارات يُمكن ان تكون فرقاطتين " فريم FREMM " منقسمتين الى : نسخة الدفاع الجوي " فريم فريدا FREMM FREDA " المُزودة بالقدرة الكاملة على اطلاق وتوجيه صواريخ استر-30 لمداها الاقصى - نسخة مكافحة الغواصات " فريم أكيتين FREMM Aquitaine " .
* يمكن ابدال المدمرة بفرقاطتين " فريم فريدا FREMM FREDA " للدفاع الجوي + فرقاطة " فريم أكيتين FREMM Aquitaine " لمكافحة الغواصات .
3) غواصتين لتوفير أقصى قدرة لمكافحة الغواصات المُعادية وكذلك توفير قوة نيرانية اضافية ضد سفن السطح المعادية بواسطة الصواريخ المضادة للسفن والمُطلقة من الاعماق .
4) سفينة دعم لوجيستي بالوقود والمؤن .
5) كورفيتات متعددة المهام ( كورفيتين لكل حاملة ) ، وذلك في حال وجود مهمة مُطولة او بعيدة المدى تتطلب عددا اكبر من سفن الامداد وسفن القتال .
* اذا فإن الشكل النهائي لمجموعة القتال سيكون :
- مدمرة دفاع جوي + فرقاطة دفاع جوي + فرقاطة مكافحة غواصات + غواصتين + سفينة دعم وامداد ( + كورفيتين عند الحاجة ) .
أو
- مدمرة دفاع جوي + فرقاطتين دفاع جوي + غواصتين + سفينة دعم وامداد ( + كورفيتين عند الحاجة ) .
أو
- فرقاطتين دفاع جوي + فرقاطة مكافحة غواصات + غواصتين + سفينة دعم وامداد ( + كورفيتين عند الحاجة ) .
أي اننا نتحدث عن تعاقدات مُستقبلية على مدمرتين و3 فرقاطات اضافية ( فرقاطتين دفاع جوي وفرقاطة مكافحة غواصات ) او 5 فرقاطات ( 4 فرقاطات دفاع جوي وفرقاطة مكافحة غواصات )، وبكل تأكيد هذا مجرد تصور والله وحده اعلم كيف سيكون الواقع، ولكن مجرد اننا اتينا بالميسترال فهذا يعني ان هناك تعاقدات ثقيلة في الطريق، وهذا أمر منطقي وبديهي عند الحديث عن قطعة حيوية بهذا الشكل .
ولن يكون من المبالغة ان نتحدث عن تكوين لجناح جوي مخصص لدعم الأسطولين البحريين . بمعنى آخر تشكيل قوة طيران مستقلة للبحرية .
وهنا، ومن وجهة نظري المتواضعة، يمكن القول بأن الصفقة المُقبلة للرافال سيتم تخصيصها ( في حال التعاقد على 12 مقاتلة ) او تخصيص جزء منها لدعم القوات البحرية ( في حال التعاقد على 24 مقاتلة تُخصص 12 منها للبحرية )، وذلك لأن الرافال هي المقاتلة الوحيدة التي يُمكنها العمل بشكل مستقل في بيئة عدائية كاملة خارج نطاق تغطية الدفاعات الجوية الصديقة، وبالتالي سيمكنها توفير الغطاء الكامل للقوات البحرية في اعالي البحار والتعامل مع كافة العدائيات البحرية وتشكيل تهديد وردع حقيقيين لها . ويُمكن دعم الرافال في حال الحاجة بعدد من الاف-16 المُسلحة بصواريخ الهاربون المضادة للسفن او الميج-35 التي ستأتي بحزمة مُتنوعة من الصواريخ المضادة للسفن كالـKh-35 والـKh-59 والـKlub-A، مع التأكيد ان الرافال هي الاساس وأي انواع اخرى من المقاتلات ستعمل تحت غطائها .
ومُضافا الى ماسبق، لن ننسى قوة المروحيات البحرية الهجومية التي لن تقل عن 30 مروحية Ka-52K هجومية، ومعها قوة المروحيات المضادة للغواصات والمروحيات الناقلة . أي اننا فعليا نتحدث عن قوة جوية كاملة ستكون مخصصة لدعم البحرية، وبالتالي تستحق ان مثستقلة بنفسها وتابعة مباشرة لقيادة القوات البحرية وتحت كامل تصرفها .
* هنا أيضا سيُثير البعض تساؤلا ربما يبدو ساذجا ولكنه شائع لدى الكثيرين وهو : كل هذه القطع البحرية بالمليارات لأجل حماية سفينة ميسترال سعرها لن يتجاوز 600 - 800 مليون يورو على اقصى تقدير ؟!
- الاجابة بكل تاكيد أن الامر لا يدور حول ثمن الميسترال .. بل يدور عما سيكون عليها وبداخلها من مروحيات قتالية ومركبات مدرعة ودبابات وأفراد، خلاف المستشفى ومركز القيادة والعمليات، وهذا الاخير بالذات هو اهم نقطة، بخلاف كونها رمزا للقوة والذراع الطولى للدولة المصرية، وبالتالي فإن قطعة كهذه اذا تعرضت للإصابة او الإغراق فهذا يعني ان عدوك قد نجح في ضرب رمز قوتك ومركز عملياتك الرئيسي في البحر،وبكل بساطة إهانة وإذلال للدولة بأكلمها والبلدي " أخدنا على قفانا واتعلم علينا " !! نحن نتحدث هنا عن المفهوم الحقيقي لبحرية أعالي البحار والمحيطات المُحيطة بالدولة في النطاق الإقليمي Green Water Navy ( تُعتبر وسطا بين الـBrown Water Navy [ بحرية نهرية وساحلية فقط كالبحرية السودانية والقطرية ] والـBlue Water Navy [ بحرية المحيطات والمياه العميقة كالبحرية الامريكية والروسية ] ) .
إنه لمن الخطأ الاعتقاد بأن كل ماسبق لن يتحقق خلال عام او عامين ... بل نحن نتحدث عن نتائج ملموسة لن تظهر قبل 2018 - 2020 بأي حال من الاحوال، بل وستمتد الى 2022 - 2025 لنصل الى الشكل الحقيقي والنهائي للبحرية المصرية المُستقبلية .
لأن الامر ليس متوقفا على توقيتات التعاقدات والتسليم فقط، بل يشمل فترة التدريب الاساسية في الدولة المُصنّعة للسلاح، ثم التدريبات والاختبارت العملية على متن القطع الجديدة لمدة لا تقل عن عام كامل للوصول بها الى قدرتها التشغيلية كاملة Fully Operational لتصبح في نطاق الخدمة الرسمية لدى البحرية، بجانب تدريب اطقم الطيران على المروحيات والطائرات الجديدة، وتدريب الاطقم الجوية والبحرية بشكل عام على استيعاب هذه التقنيات الجديدة التي تعني مفهوما مختلفا في التكتيكات والخطط للعمليات البحرية المُستقبلية .
كما سبق وذكرنا اعلاه، فإننا نشهد بداية .. مجرد بداية لما هو قادم ... بداية العودة لأمجاد الماضي .. أمجاد بحرية محمد علي .. أمجاد بوراج المنصورة والمحلة الكبرى والاسكندرية وحمص ذات الـ100 مدفع .. أمجاد طال الانتظار لعودتها .. لتبقى مصر المحروسة محروسة بفضل من الله وبحماية قواتها البحرية ...
القوات المسلحة المصرية
Thunderbolt
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق