الخميس، 3 أبريل 2014

كيف نشأ جهاز المخابرات العامة المصرية

فى بداية الخمسينيات وبالتحديد بعد اكتشاف فضيحة لافون التى تبين أنها عملية أفشلتها المباحث المصرية وكانت وراءها شبكة يهودية يشرف عليها أبراهام دار ضابط الموساد الشهير لتلغيم وتفجير عدد من المصالح الأمريكية فى مصر لكى يضع الإسرائيليون مأزقا لا يتم تجاوزه أمام تطور العلاقات المصرية الأمريكية
وكانت عملية لافون وما احتوته من مفاجآت دافعا لسرعة تأسيس جهاز المخابرات لمواجهة تلك الحروب التى تتم خلف الستار ويكون لها أخطر الأثر على الأمن القومى.
وقرر جمال عبد الناصر فى بداية عام 1953 م إسناد مهمة الجهاز إلى رفيقه زكريا محيي الدين والذى جمع عددا من أبرع وأخلص رجال الجيش المصري فى ذلك الوقت وارتدوا الزى المدنى استعدادا للحفر فى الصخر والبحث من ثقب إبرة عن كيفية تأسيس الجهاز على أسس صحيحة فى ظل عالم يستهدف بلادهم ويتميز عنهم بخبرة فائقة لها أكبر الأثر فى هذا المجال الحساس.
والأنكى من ذلك أن القاهرة تحولت فى ذلك الوقت وما قبله منذ عام 1947 م لمرتع جواسيس بلا ضابط حيث توافر فيها ضباط ورجال المخابرات من اسرائيل وبريطانيا وألمانيا يؤدون مصالح أوطانهم دونما توتر أو قلق .. فلم يكن هناك ثمة جهاز أمنى يتصدى لتلك العمليات إلا المخابرات الحربية وهى بطبيعتها قاصرة وغير مختصة بأساليب التخابر العلمية ..
وكانت البداية عندما تقدم أحد الأشخاص ـ كما يروي الواقعة الأستاذ محمود صلاح الصحفي المصري ـ وقام بعرض شراء أحد المستشفيات النفسية التى هجرها صاحبها دونما عودة ..
وكان المبنى أشبه بفيلا فى منطقة سكنية تحيطها أرض فضاء تم التعاقد على شرائها أيضا لتصبح أحد المقرات السرية لجهاز المخابرات الوليد وتمت تغطية العمل الحقيقي للمبنى بستار سري تحت مسمى إدارة تابعة للحكومة تحمل اسم "إدارة البحوث والإنشاء " كما تم اتخاذ مقر المدرسة العسكرية بضاحية مصر الجديدة كمقر آخر للجهاز ..
وبدأ رجاله فى التوافد على نحو لا يلفت النظر ليبدأ الجيل الأول من مؤسسي الجهاز فى قراءة مراجع علم المخابرات ودراسة بعض العمليات التى تم نشرها وتم استقطاب تلك المراجع على وجه السرعة من أوربا وغيرها بالإضافة إلى التماس أساليب جهاز القلم السياسي الذى كان دوره فاعلا قبل الثورة ..
وكان الرعيل الأول من مؤسسي الجهاز عشرة أشخاص منهم زكريا محيي الدين الذى كان أول رئيس للجهاز وهؤلاء القادة هم:-
1ـ ( كمال رفعت) تولى في جهاز المخابرات شئون الانجليز، حيث لم يكن الاحتلال الانجليزي قد غادر منطقة قناة السويس، ولهذا تأسست شعبة في جهاز المخابرات باسم شئون الانجليز، يكون هدفها الأساسي هو تحديد الوسائل التي تجبر الانجليز على الخروج من مصر..
2- ( مصطفى المستكاوي ) وقد تولى الدور الاعلامي في المخابرات العامة، وتولى رئاسة تحرير صحيفة المساء فيما بعد ..
3- ( سعد عفرة ) فكان نموذجا حيا للقراءة والاطلاع والسعي بحيث أصبح أحد جوانب المرجعية فى هذا العمل
4- ( فريد طولان ) فتمرس على جمع المعلومات من جميع المصادر، والعمل داخل مصر، بصورة فنية دقيقة، وباتقان في تتبع ما يهم عمل المخابرات من دراسات مهمة في الشأن الداخلي، وفعل ذلك لخدمة العمل السري للمخابرات، وأيضا العمل العلني، وذلك بلا خلط بين الاثنين.
5- ( أحمد كفافي ) فكان ضابط سلاح الفرسان، ومتخصصا في مجال الاقتصاد، حيث تخصص في شئون الاقتصاد اللازمة لصالح عمل المخابرات
6- ( محمود عبدالناصر ) ، الذي كان مع كمال رفعت في مواجهة القوات البريطانية في القناة،
7- ( عبدالقادر حاتم ) الذي تولى الاعلام وحمل على عاتقه مهمة توضيح أهداف الثورة داخليا وخارجيا.. وهو الذى تولى رياسة الوزارة فى مصر فيما بعد ثم عمل كعضو فى المجلس لقومى المصري لحقوق الإنسان
8- ( محيي الدين أبوالعز ) الذي تولى مهمة الرقابة على الوزارات، وكانت هذه المهمة هي النواة الحقيقية لجهاز الرقابة الادارية.
9- ( فتحي الديب ) فرع الشئون العربية في الجهاز، تكون مهمته ربط الوطن العربي بكل ساحاته بالقاهرة، تمهيدا لممارسة مصر دورها الايجابي في تحرير باقي الأجزاء المحتلة من الوطن العربي وهو أيضا الذى تولى إنشاء إذاعة ( صوت العرب ) .
وفيما بعد بمرحلة أو اثنين انضم لهؤلاء الزمرة المنتقاة كل من ..
* عبد المحسن فائق وهو الذى يمكن أن نقول عنه أنه ولد كرجل مخابرات بالفطرة كان أحد النوابغ الذين أضافوا لهذا العلم وسطروا تاريخهم بحروف من نور وأول عملياته كانت عملية انتقاء رفعت الجمال " رأفت الهجان " وزرعه داخل اسرائيل ليصبح بعد ذلك أول وأشهر العملاء فى تاريخ المخابرات حتى اليوم حيث أنه العميل الوحيد الذى ظل يعمل حتى اعتزاله ثم وفاته دون أن ينكشف أمره أو أمر شبكته وهو ما لم يحدث مطلقا من قبل.
* محمد نسيم أشهر رجال المخابرات العامة فى تاريخها وبطل العديد من العمليات الناجحة وهو الذى تولى إعادة تأهيل وتدريب رفعت الجمال ليصبح مستواه متقدما حتى بلغ مستوى ضابط حالة ..كما كان قائد عملية الحفار وكذلك عملية انقاذ عبد الحميد السراج وانضم فى نفس الفترة ايضا كل من شعرواى جمعه الذى تولى رياسة الخدمة السرية بالجهاز ثم تولى وزارة الداخلية بعد ذلك وأيضا انضم طلعت خيري ثم أمين هويدى الذى تولى رياسة الجهاز بعد النكسة وصلاح نصر الذى تولاه لمدة عشر سنوات انتهت عام 1967 ويعتبر صاحب أفضل انجازات الجهاز بالرغم من انحرافاته التى حوكم عليها فيما بعد وعلى صبري الذى تولى رياسة الجهاز خلفا لزكريا محيي الدين ثم سلم القيادة لصلاح نصر بعد ذلك.
وكان مهام هذا التشكيل العملاق عملاقة هى أيضا حيث تلخصت فيما يلي :-
أولا .. تغيير جميع الشفرات التى تستخدمها مصر فى ذلك الوقت.
ثانيا .. انشاء جميع مكاتب المخابرات المصرية فى اوروبا..
ثالثا .. فحص وانتقاء متدربين كنواة لجيل تالى فى رجال المخابرات مع العمل على انتقاء العملاء والمتعاونين من خارج الجهازهذا بخلاف تولي مهام أي جهاز مخابرات محترف ، في ظل ظروف حساسة ، و تهديدات عظمى .
وكانت المهام ثقال والوقت أشد ضيقا أمام انجاز أى عمل وسط أعداء بلغوا القمة فى الخبرة بهذا المجال الذى لا يزال رجال المخابرات المصرية على عتباته وليس معهم الوقت الكاف لمجرد الدراسة والبحث .
المصدر : صفحة رجال المخابرات العامه المصريه على الفيس بوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق